الثلاثاء، 10 نوفمبر 2015

يا أبيض ..يا أسود

من الأشخاص من يصرون على أن المقترحات والأفكار والمنتوجات و...كل شيء في الحياة يجب أن تحاكم بصورة شديدة العقلانية بحسب الميزات الكامنة فيها،وحسب قيمتها، عندها نحصل على حقيقتها المطلقة بكل حياد.
هؤلاء الأشخاص الذين يفكرون بهذه الطريقة يرون العالم بمنظور الأبيض والأسود فقط.
ماذا عن العواطف والأحاسيس والولاءات والمجاملات لا اعتبار لها عند هؤلاء الأشخاصن بينما هي أمور لا يمكن عزلها عن حياة البشر.
هذه النظرة المثالية غير الواقعية تجعل أصحابها يتصادمون مع الآخرين ويخوضون معارك مع الناس في كل شيء، فالناس يرحبون بقدر معقول من التزلف والتنازلات التي يفرضها عقد الاتفاقات.
والحقيقة هنا هي أن هؤلاء الأشخاص يدافعون عن المثاليات دفاعاً لا يعرف الكلل ما دامت هذه المثاليات هي مثالياتهم ( وهذا يعني أن شخصية الفرد من هؤلاء تتعصب لرأيها، وتعتبر أن العواطف والولاءات الشخصية أخطاء قاتلة..)
وبسبب هذه النظرة المثالية تجد أن نقد هؤلاء مدمر للروح المعنوية للكثيرين ممن يعملون معهم وغالباً تجد الجميع يشعرون بالاستياء والغضب من تقييم مثالي لا يمكن أن يوجد في كل أعمال البشر.
علاقة الإنسان بالناس ينبغي ألا تكون بنظرة مثالية وألا يصنف فريق منهم بالأبيض والفريق الآخر بالأسود..
إن الناس معقدون بطبعهم تحكمهم ظلال عديدة من اللون الرمادي، وإن علاقاتنا مع بعضنا البعض تشمل بالضرورة دقائق وفروقات لا يمكن إدراكها عبر التفكير وفق مقياس متابين، وقد تتولد نتائج خطيرة عن تفكير كهذا. فالناس شديدو الحساسية لدى إصدار الأحكام عليهم، وما قد يعتبر أسود عندك غيرك يراه أبيض ولذلك هو يقبله.

إن قيام حوار بشأن الاختلافات وتقبل قدر معين من اختلاف الآخرين عنك هما ما يجعل بالإمكان إقامة علاقات قوية وصحيحة مع الآخرين ،وإذا لجأت إلى أسلوب شديد التباين لتقييم الزملاء والأصدقاء والمعارف وشريك الحياة فلا تتعجب إذا تحولوا سريعاً من أصدقاء ومعارف الماضي!! وعلى أقل تقدير سيصبحون أكثر حذراً لدى وجودك وأكثر ابتعاداً عنك .