الثلاثاء، 10 نوفمبر 2015

يا أبيض ..يا أسود

من الأشخاص من يصرون على أن المقترحات والأفكار والمنتوجات و...كل شيء في الحياة يجب أن تحاكم بصورة شديدة العقلانية بحسب الميزات الكامنة فيها،وحسب قيمتها، عندها نحصل على حقيقتها المطلقة بكل حياد.
هؤلاء الأشخاص الذين يفكرون بهذه الطريقة يرون العالم بمنظور الأبيض والأسود فقط.
ماذا عن العواطف والأحاسيس والولاءات والمجاملات لا اعتبار لها عند هؤلاء الأشخاصن بينما هي أمور لا يمكن عزلها عن حياة البشر.
هذه النظرة المثالية غير الواقعية تجعل أصحابها يتصادمون مع الآخرين ويخوضون معارك مع الناس في كل شيء، فالناس يرحبون بقدر معقول من التزلف والتنازلات التي يفرضها عقد الاتفاقات.
والحقيقة هنا هي أن هؤلاء الأشخاص يدافعون عن المثاليات دفاعاً لا يعرف الكلل ما دامت هذه المثاليات هي مثالياتهم ( وهذا يعني أن شخصية الفرد من هؤلاء تتعصب لرأيها، وتعتبر أن العواطف والولاءات الشخصية أخطاء قاتلة..)
وبسبب هذه النظرة المثالية تجد أن نقد هؤلاء مدمر للروح المعنوية للكثيرين ممن يعملون معهم وغالباً تجد الجميع يشعرون بالاستياء والغضب من تقييم مثالي لا يمكن أن يوجد في كل أعمال البشر.
علاقة الإنسان بالناس ينبغي ألا تكون بنظرة مثالية وألا يصنف فريق منهم بالأبيض والفريق الآخر بالأسود..
إن الناس معقدون بطبعهم تحكمهم ظلال عديدة من اللون الرمادي، وإن علاقاتنا مع بعضنا البعض تشمل بالضرورة دقائق وفروقات لا يمكن إدراكها عبر التفكير وفق مقياس متابين، وقد تتولد نتائج خطيرة عن تفكير كهذا. فالناس شديدو الحساسية لدى إصدار الأحكام عليهم، وما قد يعتبر أسود عندك غيرك يراه أبيض ولذلك هو يقبله.

إن قيام حوار بشأن الاختلافات وتقبل قدر معين من اختلاف الآخرين عنك هما ما يجعل بالإمكان إقامة علاقات قوية وصحيحة مع الآخرين ،وإذا لجأت إلى أسلوب شديد التباين لتقييم الزملاء والأصدقاء والمعارف وشريك الحياة فلا تتعجب إذا تحولوا سريعاً من أصدقاء ومعارف الماضي!! وعلى أقل تقدير سيصبحون أكثر حذراً لدى وجودك وأكثر ابتعاداً عنك . 

السبت، 31 أكتوبر 2015

توقف..لا تتعاون معه !!

خلق الله الناس ما بين محب لنفسه معتزل لغيره وما بين محب للجماعة متعاون معها ،فأما من اعتزل الناس فلم ينفعهم بشيء فقد عصى الله في أوامر شرعية كثيرة كنشر العلم والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والقيام على المحتاج..
 وقد يلقى الشخص بسبب اختلاطه بالناس أذى ولكن بالصبر والحلم يجد عند الله  الثواب والأجر، قال النبي صلى الله عليه وسلم ( المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أعظم أجرا من الذي لا يخالط الناس ولا يصبر على أذاهم ) رواه أحمد  ،وأما الذين  يخالطون الناس ويتعاونون معهم فإن الله يحدّ حدوداً لهذا التعاون فليس المطلوب التعاون مع الآخرين على كل حال بل قال الله تعالى في محكم كتابه : ( وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان ) قال المفسرون في هذه الآية :يأمر الله تعالى عباده المؤمنين بالمعاونة على فعل الخيرات وهو البر , وترك المنكرات وهو التقوى وسئل سفيان بن عيينة عن قوله تعالى : ( وتعاونوا على البر والتقوى ) فقال : هو أن تعمل به وتدعو إليه وتعين فيه وتدل عليه . و في هذه الآية ينهى الله عن التناصر على الباطل والتعاون على المآثم والمحارم .
وقال العلماء : فهو أيضا يقتضي التحذير من الشر وعدم التعاون مع أهل الشر، فلا تعين أخاك على ما يغضب الله عليه، ولا تعينه على أي معصية بل تنصح له في تركها وتحذره من شرورها، وهذا من البر والتقوى. وإذا أعنته على المعصية وسهلت له سبيلها كنت ممن تعاون معه على الإثم والعدوان، سواء كانت المعصية عملية أو قولية كالتهاون بالصلاة أو بالزكاة أو بالصيام أو حج البيت أو بعقوق الوالدين أو أحدهما أو بقطيعة الرحم أو بحلق اللحى أو بإسبال الثياب أو بالكذب والغيبة والنميمة أو السباب واللعن أو بغير هذا من أنواع المعاصي القولية والفعلية، ويدخل في الإثم جميع المعاصي.
 أما العدوان فهو التعدي لحدود الله والتعدي على الناس أو التعدي على ما فرض الله بالزيادة أو النقص، والبدعة من العدوان لأنها زيادة على ما شرع الله، فيسمى المبتدع متعديا والظالم للناس متعديا والتارك لما أنزل الله آثما متعديا لأمر الله، فاقتراف المعاصي إثم، والتعدي على ما فرض الله والزيادة على ما فرض الله والظلم لعباد الله عدوان منهي عنه وداخل في الإثم..
صور من التعاون المحظور:
الله تعالى ينهى فيقول :( ولا تعاونوا على الإثم والعدوان ) وتجد من الناس من يتعاون مع زملاء وظيفته في غش الدولة في تحضير الغائبين وانتداب القاعدين وهكذا الطلاب يتعاونون مع قرناء الدراسة على الغش في الاختبارات وقد قال الله تعالى عن المؤمنين أن من صفاتهم أنهم راعون للأمانة التي بين أيديهم قال تعالى (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) وقال النبي عليه الصلاة والسلام: (من غشنا فليس منا) أي ليس على أخلاق الإسلام التي ربانا الشرع عليها.
وتجد من أصحاب الشركات من ييسر للناس الربا والسفر إلى مواقع الفجور والزنا أو يوفر لعامة الناس المطاعم المحرمة كالدخان أو يسوق لهم الصور والأغاني والأفلام المحرمة  وقد جاء في فتاوى اللجنة الدائمة  : ( لا يجوز لمسلم أن يعمل في بنك تعامله بالربا ، ولو كان العمل الذي يتولاه ذلك المسلم غير ربوي ؛ لتوفيره لموظفيه الذين يعملون في الربويات ما يحتاجونه ويستعينون به على أعمالهم الربوية .
ومن ذلك تصنيع الخمور والمسكرات وتوفيرها للمدمنين فعنِ ابن عمر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((لُعِنَتِ الخَمْرُ على عشَرة وجوه: لُعِنَتِ الخمر لعيْنِها، وشاربِها، وساقِيها، وبائعها، ومبتاعها، وعاصِرِها، ومعتَصِرها، وحاملها، والمحمولةِ إليه، وآكِل ثَمنِها))؛ رواه الإمام أحمد، وابْنُ ماجه، وأبو داود، ولفْظُه: ((لَعَنَ اللَّهُ الخَمر)) - ولم يذكر: ((وآكل ثمنها)).
ومن دل على حرام أو يسر للناس الإثم فإن عليه وزره و وز من عمل بسيئته قال النبي  - صلى الله عليه وسلم -:  (ومن دعا إلى ضلالة كان عليه من الإثم مثل آثام من إتبعه إلى يوم القيامة لا ينقص ذلك من آثامهم شيئا . )
 والمطلوب هو ما أمر الله به : (وَذَرُواْ ظَاهِرَ الإِثْمِ وَبَاطِنَهُ إِنَّ الَّذِينَ يَكْسِبُونَ الإِثْمَ سَيُجْزَوْنَ بِمَا كَانُواْ يَقْتَرِفُونَ ) [الانعام 120]

ذاك ما نهى الله عنه وهذا ما أمر الله به فعلينا أن نسمع ونطيع ونستجيب وهذا من كمال الإيمان ومن تحقيق العبودية لله سبحانه.

الجمعة، 30 أكتوبر 2015

قالوا عن الخلاف الشخصي.

في كثير من الأحيان تذيع وسائل الإعلام أخبار الخلافات والخصومات سواء بين الأفراد أو الدول ، مما جعل الناس  يربطون كلمة الخلاف بالعنف السياسي السلبي والذي يؤدي عادةً إلى الاقتتال المرير بين الدول أو الطوائف . والمتأمل لواقعه القريب يجد أن الخلاف البسيط يظهر بصفة يومية في حياته الشخصية أو مع المقربين - فمثلا – قد يختلف مع بعض أعضاء الأسرة ، الأصدقاء ، مديره في العمل ، أو حتى الموظفين تحت سلطته، وهذا الخلاف إما أن يُحل وينتهي بصورة سلسة. أو يرتقي مستواه إلى خلاف حاد يصعب حله إلا بعد جهود مضنية ووقت طويل .
وكما أن الخلاف قد يكون محموداً أحياناً ، فإنه يصبح مذموماً في الغالب لأنه لا يؤدي إلى نتائج إيجابية وبناءة ، بل يؤدي إلى نتائج سلبية عكسية.                                 
* قالوا عن الخلاف الشخصي .
* يقع الخلاف الشخصي عندما يكون هناك طرفان أو أكثر يتعارضون في مواقفهم أو أساليبهم في التعامل مع موقف أو موضوع أو شخص معين.
* والخلاف الشخصي أمر طبيعي جبلّي لابد من حدوثه بين البشر مهما كانت الظروف والأساليب المتبعة لتفاديه، ، قال الله تعالى : ( ولا يزالون مختلفين * إلا من رحم ربك ولذلك خلقهم ) هود 118،قال ابن كثير :( أي ولا يزال الخلاف بين الناس في أديانهم واعتقادات مللهم ونحلهم ومذاهبهم وآرائهم،وقال عكرمة : مختلفين في الهدى.. جاء عن طاوس : أن رجلين اختصما إليه فأكثرا الخلاف في الآية، فقال طاوس : لم يخلقهم ليختلفوا ولكن خلقهم للجماعة والرحمة..ولذا فالخلاف يبقى أمراً عادياً إلا إذا خرج عن نطاق العقلانية وغُلبت الأهواء على الحق ، وتضمن عدم الاكتراث بأولويات وأهداف كل طرف بالطرف الأخر .
* والخلاف الشخصي قد يكون مقنعاً فيأخذ شكل الاستياء من قبل إنسان تم تجاوزه, كما يأخذ شكل الغضب الذي تتسبب فيه العادات الشخصية للشخص, ومثل هذا الخلاف من السهل أن يخفى على البعض, ومن الصعب اكتشافه.
* والخلافات الشخصية قد تكون سلبية إذا لم يتم التعامل معها بعناية واهتمام, وفي النهاية قد تكلف الوقت والمال بل و الصحة والفكر.
 * وأياً كان نوع أو مكان الخلاف, فلا بد من إدارته قبل أن يتحول إلى قوة هدامة،ومعظم المؤسسات والأفراد يدركون ضرورة حل الخلافات الشخصية قبل أن تتفاقم ويكون لها تأثير مدمر.

* الخلاف حدث طبيعي لعلاقة شخص بشخص يختلفان عن بعضهما، ومن المفيد أن تكون هذه الخلافات تحت مظلة الخلاف الإيجابي للحصول على ترجيح الرأي الصائب، ورضاء الطرفين على النتيجة بعد الخلاف بترجيح الحكمة وثقة كل شخص بالآخر.

الخوف من المناصب !!

هل سمعت بـ (رهاب المرتفعات)، هو أن يشعر الشخص بالخوف من الوقوف في الأماكن المرتفعة..
ومن الناس من يشعر بالخوف والهلع إذا وكل إليه منصب رفيع ، والمشترك بين الأمرين أن كلاً من الفئتين تشعر أنها لا تستطيع التوازن مع موقعها في هذه المرتفعات.
أما الخوف من المناصب العليا فسببه عدم تقدير الذات فالأشخاص الذين لا يثقون بأنفسهم ولا يُقدرون مؤهلاتهم وخبراتهم يتصرفون بطريقة مترددة خائفة تؤدي في الغالب إلى تراجع ثقة غيرهم بهم فيعادون بعد حين إلى مراتب متدنية..
إن هذه العادة (عدم تقدير الذات) تُلحق الأذى بطموحات الشخص المهنية..والعلاج أن لا يجعل هذا الخوف يتسرب إلى حُسن الأداء والسلوك الشخصي فيتأثر سلبا عمله الوظيفي.
قد يكون في الشخص نقاط ضعف لكن بالضرورة لديه نقاط قوة فإن كانت المهمة المطلوبة تتناسب مع نقاط القوة فالمبادرة لتحمل المسئولية وقبول التكليف بالمنصب الجديد وذلك هو الطريق للنجاح والتفوق.
وهذا ينطبق على الخوف من عقد صداقة مع ( شخص أعلى من مستوى الآخرين).
وكيف تتجاوز هذا الآفة ؟
لا بد من مراقبة الذات فإن كنت تشعر بعدم الأمان عند تلقيك أي فرصة كبرى أو تحس بالدونية أو يقتلك القلق إذا أوكل إليك أمر كهذا..فكل ذلك يعني أنك مصاب بهذا الرهاب بلا شك وهذه الأحاسيس تقول لك : ( أنت لست خبيراً في مثل هذا) أو ( لست كفؤاً لهذا)..
وعلاج ذلك أن تحدد بكل مصداقية ما تملكه من علم وماتتقنه من مهارة،وما اكتسبته من خبرات..بعدها تجيب هل كل ذلك يؤهلك لهذه المهمة ولهذا المنصب دون مدح للذات وأيضاً دون قدح وتحقير لها، وقد يساعدك صديق مقرب على إتخاذ قرار في هذا الأمر.
وقد تجد بعد مراجعة حيادية عادلة أنه بالفعل هذه المهمة التي عُرضت عليك لا تتناسب مع مؤهلاتك وليس لديك أي خبرة بها ، فمن الإنصاف لنفسك أن تبتعد عنها ولا تقبلها.

الأربعاء، 28 أكتوبر 2015

القدوة..والحياة الحلوة

      من حرص على أن يكون قدوة في تدينه واستقامته ,بل في أموره كلها ظفر بمكاسب عديدة , دنيوية وأخروية, ويمكن أن نذكر منها ما يلي :
1-  الشعور بالراحة النفسية , فالقدوة يُسير حياته بما يرضي الله , وما دام أنه يأتمر بما أمره ربه به  وينتهي عن ما نهى عنه وزجر فما يضره بعد ذلك أن يسخط عليه ما دونه من الخلق .
2-  الشعور بالإيجابية , حين يرى القدوة أن الناس من حوله يتأثرون بأخلاقه وعبادته وأن ذلك يشجعهم على الاستقامة على دينهم والتحلي بالأخلاق الفاضلة .
3-  تثقيل الميزان بالحسنات , فالقدوة ولحرصه على كل عمل صالح ولتجنبه لكل أمر فاسد تراه يستكثر من الحسنات , ليس هذا وحسب بل يكتب له في ميزانه من الحسنات كحسنات من عمل بمثل عمله,
* قال النبي صلى الله عليه وسلم : (... من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من     تبعه لا ينقص ذلك من أجورهم شيئا ... ) رواه مسلم بتمامه .
* وقال النبي صلى الله عليه وسلم: ( من دل على خير كان له مثل أجر فاعله ).
4- حفظ الله ورعايته , فالقدوة  لتقواه ولصدقه يعصمه الله ويسدده,
* قال النبي صلى الله عليه وسلم (  أحفظ الله يحفظك .. الحديث ).
* وقال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث القدسي فيما يرويه عن ربه تبارك وتعالى أنه قال : ( من عادى لي ولياً فقد آذنته بالحرب , وما تقرب إليّ عبدي بشيء أحب إلي مما افترضته عليه وما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أُحبه فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها ورجله التي يمشي بها ,ولئن سألني لأعطينه, ولئن استعاذني لأعيذنه... الحديث ) رواه البخاري بتمامه
5- تيسير الأمور والنجاة من الأزمات  , فالله وعد , ووعده الحق أن يجعل لكل تقي مخرجاً ويجعل له من أمره يسرا .
* قال الله تعالى: (ومن يتقي الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لايحتسب )

* وقال الله تعالى : ( ومن يتقي الله يجعل له من أمره يسراً ) .

الشباب..ومفاتيح الشر

 "المفاتيح" ما هي إلا أدوات تصلُ بأصحابها إلى ما وراء الأبواب المغلقة، وهذه الصورة الحسية تنطبق على الواقع المعنوي، فكم من الناس من يكون أداةً يفتح الله على يديه مخازنَ الخير وقد كانت مغلقة بعوائق وعوالق، وبالمقابل كم من الأشرار من كان أداة لفتح أبواب الآثام والمعاصي وقد كانت مغلقة بتقوى القلوب وترفع النفوس الصالحة.. وهذه المعاني جاءت على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم .
* فعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن من النَّاسِ مفاتيحَ للخير، مغاليقَ للشرِّ، وإن من الناس مفاتيح للشرِّ، مغاليق للخير، فطوبى لمن جعل الله مفاتيح الخير على يديه، وويل لمن جعل الله مفاتيحَ الشرِّ على يديه" رواه ابن ماجه وحسنه الالباني 194 .
 * "مفاتيح الشر" قوم فاسدون في المجتمع، لا يفكرون إلا بالإثم، ولا تطوف في أذهانهم إلا المنكرات، إنهم فئة توجد حيث نهى الله، وتُفقد حيث أمر الله ، تنام شرورهم في نهار الفضيلة، وتستيقظ في ليل الرذيلة.
* "مفاتيح الشر" أنواع وأشكال، تشارك الموظفَ في وظيفته وترافق الطالب في مقاعد دراسته، وتعاشر الأسرة في عقر دارها، ولربما كان أحد هؤلاء (مفاتيح الشر) يلبس لباس الجار المُحب أو الصديق المخلص، وترى الكبار رجالاً ونساءاً في حيرة من هذا الأمر فكيف بالشباب والمراهقين .
* "مفاتيح الشر" لهم سبل يُسقطون بها الصالحين فيردوهم على أعقابهم قال تعالى: (قل أندعوا من دون الله مالا ينفعنا ولا يضرُّنا ونردُّ على أعقابنا بعد إذ هدانا الله كالذي استهوته الشياطين في الأرض حيران له أصحاب يدعونه إلى الهدى ائتنا، قل إن هدى الله هو الهدى وأمرنا لنُسِلمَ لرب العالمين) سورة الأنعام 71 .
* و "مفاتيح الشر" ربما كانوا فئةً بقلوبٍ شيطانية، قال الرسول صلى الله عليه وسلم : "تكون بعدي أئمة لا يهتدون بهديي، ولا يستنون بسنتي، وسيكون فيكم رجالٌ قلوبهم قلوب الشياطين في جُثمان أنس" رواه مسلم .
* و"مفاتيح الشر" لهم الأثر البالغ على المرء، وبخاصة على من كان في سن الشباب فإن هذه المرحلة تبرز فيها العاطفة الهائجة وحب الانتماء، وفي دراسة أُجريت في دولة خليجية حول أثر رفقاء السوء في انحراف الابناء كانت النتائج التالية :
59.5% من أسباب الانحراف لأحداث دار التربية ترجع إلى رفقاء السوء .
72.2% من مجموع الأحداث لهم رفقاء ارتكبوا انحرافات مما يؤكد تأثر الشاب برفقاء  السوء .
70.2% من مجموع الأحداث في السجن فعلوا جرائمهم مع آخرين .
وقد ضرب الرسول صلى الله عليه وسلم مثلاً بمجالسة نافخ الكير .
* قال صلى الله عليه وسلم : "ونافخ الكير، إما أن يحرق ثيابك، وإما أن تجد منه ريحاً خبيثة" رواه البخاري ومسلم بتمامه .
* وقال صلى الله عليه وسلم محذراً: "المرء على دين خليله، فلينظر أحدكم من يخالل" صحيح الجامع 3539 .
* و"مفاتيح الشر" لهم أساليب ترغيبية، وطرائق تشجيعية، وسبل شيطانية كلها تأخذ بيد الغافل إلى فسق ومجون، وضياع وجنون، ولسان حالهم:
وكنت إمراً من جُند ابليس فارتقى بي
الدهرُ حتىصار ابليس من جـنـدي
فلو مات قبلي كنت أُحسن طرائـق
فسـقٍ ليـس يُحسـنـها بعـدي
* وعاقبة "مفاتيح الشر" أخبر الله عنها على لسان النادم من مصاحبتهم قال تعالى: (ويوم يعضّ الظالم على يديه يقول ياليتني اتخذت مع الرسول سبيلا ، يا ويلتى ليتني لم أتخذ فلاناً خليلا ، لقد أضلني عن الذكر بعد إذ جاءني وكان الشيطان للإنسان خذولا) سورة الفرقان .


شباب..عاطلون عن العمل

بين الحين والآخر تجد شباباً يترنحون على الأرصفة إلى منتصف الليل وبصورة جماعية، وقد تجدُهْم في المطاعم في وسط النهار وهم عاطلون عن العمل بعدما فروا من الدراسة النظامية، فلا هم جاهدوا أنفسَهُمْ على ذلُ التعلم، ولا هم صبروا على مشقة العمل وانضبطوا فيه.. يعيشون بطالةً وفراغاً مُملاً تراهم بأشكالٍ رزينة لكنهم خواء.. وقد تجلسُ مع أحدهم وتحاوره فيتذمر من شُح الوظائف، ومنهم من يشتكي ضَعفَ الرواتب وآخرون يعتذرون لأنفسهم أن الوظائفَ الموجودة لا تليقُ بمثلهم وما الحلُ مع هذه المبررات؟ لسانُ حالهم يقول سنبقى على ما نحن عليه نومٌ في النهار يعقبه أكلٌ وتلذذٌ بالمطاعم ثم سهرٌ بالليل والناسُ نيامُ وأما توفيرُ السيولةِ المالية فيحصلُ بالإلحاحِ على الوالدين وبالاستدانة من الإخوان وأحياناً باللجوء إلى الفوائد الربوية – والعياذ بالله- .
ومن هؤلاء الشباب من يجلسُ شهوراً على هذه الحال ومنهم من يجلسُ سنوات ينفرون من الدراسة الليلية المجانية ويفرون من أعمالِ الخدمات العامة ويرفضون الوظائفَ التي تُلزمُ بفترةِ تدريبٍ فني قبلَ مباشرةِ العمل ويتكبرون على الأعمال المهنية.. ثم ماذا؟
تمر الأيامُ وهم في بطالةٍ وخمولٍ فيشعرون بعد حينٍ بنظراتِ الناس أليهم ويستشعرون باحتقار البعضِ لهم ويذوقون ذُل السؤالِ لما في أيدي الناس وتحصل لهم مفاسدٌ عديدة ومن ذلك :
1- أن يعيشَ الشابُ لجسمه وبدنَه وعقله، ينامُ ليرتاح ذلك الجسد ويأكلُّ ليُشبعَه ويلبسُ أحسنً الثياب ليجملُه وهذا خُسرانٌ بيّن وقد قال الأول .
        يا خادم الجسم كم تسعى لخدمتـه        أتطـلب الربحَ مما فيه خسرانُ
        أقبل على النفس واستكمل فضائلها     فأنت بالنفس لا بالجسم إنسانُ
2- ضياعُ الأوقات والتفريطُ في الصلوات فهم قد جعلوا الليل سهراً وسمراَ والنهار نوماً وأحلاماً .
3- الشعور بالإحباطِ والمللِ وقد يتعدى الأمرُ إلى الإصابةِ باضطرابات نفسيةِ أو استسلامٍ للوسواس والاوهام .
4- العُزلةُ عن مجالس الرجال والابتعادُ عن نظراتهم وأحياناً يعتزل هؤلاء تجنباً للانتقادات الصريحة لهذا الشاب العاطل أو ذاك أمام الآخرين.
5- التعرف على العاطلين والدخول في دوامة السهرات وتبادلِ الممنوعات وقد ينتهي الأمر إلى مُسكرات ومخدرات .
6- الدخولُ في معمعةِ الأفكارِ الإجرامية والثورية وتقبلُ الأقوال الشاذة .
7- أن العاطل عن العمل ينسى كَلَّ ما تعلمه من مهارات وبسبب عدم اختلاطه بالعُقلاء وأهل الخبرة تراه لا يُحسنُ التعاملَ مع الآخرين ويغرقُ في الفوضوية إلى قمة رأسه .
8- اعتيادُ الأمور الهزيلة ونفاذُ الصبر عن ركوب المسالك الجادة النافعة .
إلى غير ذلك من مفاسدَ على الشباب حينما يرضون البطالة قرينةً لهم في حياتهم .
               إن الشباب والفراغ والجدة     مفسدة للشباب أيُّ مفسده
ولا شك عندنا ولا ريب أن من أسباب الإقبال الشديد على ( الفضائيات) و (مقاهي الانترنت) والغرقُ في أوحال (العشقِ والمُحرم والهيامُ والغرام) الفراغُ الذي يعيشهُ الشباب العاطلون عن العمل ولذا نلتفت لهؤلاء ونذكرهم أن أي عملٍ مباح وأي طريقٍ للكسب الحلال فهو أولى وأجدى من هذه البطالة المُدمرة ونقول لهم: اعملوا في أي وظيفة مباحة ولو كانت لا تليق في نظركم .
ولذا يقال لكل شاب عاطل عن العمل :
* أنسيت أن محمداً صلى الله عليه وسلم كان يرعى الغنم لخديجة رضي الله عنها قبل زواجه بها .
* وكان يقول عن أفضل الكسب (بيع مبرور وعملُ الرجل بيده) .
* أنسيت أن أبا بكر وعمر رضي الله عنهما كانا يتاجران بين الحين والآخر .
* وفي صحيح البخاري عن أنس رضي الله عنه قال: ( قدم عبدالرحمن بن عوف المدينة فأخى النبي صلى الله عليه وسلم بينه وبين سعد بن الربيع الأنصاري فقال سعد لعبدالرحمن اختر إحدى زوجتي فانزل لك عنها واختر من مالي ما شئت قال عبدالرحمن بارك الله لك في أهلك ومالك: دلوني على السوق فأتى السوق فربح شيئاً من أقط وشيئاً من سمن فرآه النبي صلى الله عليه وسلم بعد أيام وعليه وضرٌ من صفره (طيب) فقال صلى الله عليه وسلم: مهلاً يا عبدالرحمن ما القصه؟ ما الخبر؟ قال رضي الله عنه: تزوجت يا رسول الله قال: فما أصدقتها قال: وزنَ نواةٍ من ذهب فدعا له النبي صلى الله عليه وسلم وقال له : أولم ولو بشاة" .
فانظر إليه  يدخلُ إلى السوق بلا دينار ولا درهم ويشتغلُ بخبرته ويبذلُ السبب فيوفقهُ الله ويفتحُ عليه فإذا به يمتلكُ الزوجة والمال واستغنى بذلك عن اللجان والخيرية ومساعدات الأغنياء .
* وقد قال سفيان الثوري رحمه الله: ( عليك بعمل الأبطال الكسب من حلال والإنفاقُ على العيال) .
* وكان أبو قُلابه يوصي أبا أيوب السُختياني فيقول له: ( الزم السوق فإن الغنى من العافية ).
ولذا يقال : حريٌ بالشاب أن يعمل في أي وظيفة مباحةٍ ولو كانت ضعيفةُ الراتب فإن من الأعمال ما يستفيدُ الموظفُ المهارات والخبرات والتي لو بحث عنها في أطراف الدنيا وبذل لها الأموال لم يجدها .
1- أحدَ الشباب عملَ في مؤسسةٍ علمية لها علاقةٌ ببرمجة الحاسب الآلي عَمل كاتباً بسيطاً لا يُلتفت إليه وبراتب ضئيل وخلال شهور استفاد كثيراً في مجال البرمجة وجمع من رواتبه مبلغاً وشارك في دورة في نفس المجال على حسابه وبعد سنةٍ تقريباً أصبح من أجود الفنيين في صيانة أجهزة الحاسب فكانت تلك الوظيفة المتواضعةُ طريقهُ إلى مهارة كم يخطبُ ودَّها شركاتٌ وشركات .
2- وشاب آخر ضاق ذرعاً بالدراسة النظامية وليس معه إلا الشهادة المتوسطة نظر في نفسه فإذا هو الوحيدٌ من إخوانه الذي لا ينتفعُ من يومه (لا تعلم ولا عَمل) فأصبح سائقاً لشاحنة ثم تمرُ الأيام فإذا به يتخصصُ في شراء الشاحنات ويبعها ثم أصبح يستوردُ الشاحنات من الخارج ويتكسبُ من ذلك حتى أغناه الله من فضله ثم أفتتحَ ورشةً لصيانةِ الشاحنات وزاده الله غناً وتوفيقاً .
3- وشاب آخر كانت البدايةُ بيع الجوارب فكان يأخذُ بالدين مجموعة ويبيعها مفردةً وتمرُ السنوات فإذا هو أكبرُ موردٍ للجوارب .
4- وشاب آخر انقطع عن الدراسة قبل أن ينتهي من أخذ الشهادة المتوسطة فدرس دراسةً ليلية فأنهى المتوسطة ثم درس الثانوية فأخذ الشهادة ثم انتسب في الجامعة وحصل على درجة البكالوريوس وهو الآن مديرٌ معروف في إحدى القطاعات .والأمثلة في ذلك كثيرة يضيق المقام عن ذكرها .
* فوائد ترك البطالة :
وفي ترك البطالة والحرص على ما ينفع فوائدٌ عديدة منها :
1- إذا أرضيت ربك واهتديت بهدي رسولك صلى الله عليه وسلم وسددت في ذلك وقاربت، ثم اشتغلت بطلب الرزق من طريق حلال، أليس في ذلك تبرئة لنفسك من الاشتغال بالمعاصي والآثام ولو أنك سئلت يوم القيامة عن شبابك فيما أبليته فكان الجواب العملُ بالواجبات وتركُ المحرمات والاشتغالُ بالكسب الحلال، ألست بذلك تنجو من ذنوبٍ وسيئات لو كنت فارغاً عاطلاً لوقعت فيها ولغرقتٍ في وحلها .
2- أن الله كتبَ الأرزاق وجعلَ لها أسباباً ومجاهدةُ النفس على التكسب طريقٌ إلى الاستغناء عن السؤال واستجداءٍ الآخرين فإذا اجتمع مع التكسب تقوى الله جاء الرزق من حيث لا يحتسبُ المرء (ومن يتق الله يجعل عله مخرجاً ويرزقه من حيث لا يحتسب).
3- بالعمل المباح يتربى المرء على الجدية والانضباط وينفك عن آفات الخمول ويُجنب نفسه القلق والملل والإصابة بالوساوس والاضطرابات النفسية .

4- اكتساب المهارات الشخصية وتطوير الذات والشعور بالمسئولية والرجولة .

الشباب والتعصب الرياضي


إن خطورة التعصب الرياضي على الشباب تظهر جليّة من خلال التعرف على مفاسده العديدة، ومما يُذكر منها ما يلي :
1) كوارث بلا مقدمات
كثيراً ما تبدأ مظاهر التعصب الرياضي بأصوات عالية أو بتصرفات فردية هائجة ، ثم وبلا مقدمات يحصل أمر ما يفجر الموقع بكارثة لم يُحسب لها أيّ حساب، ومما يستشهد به على ذلك حادثة في مباراة في عاصمة البيرو عام 1964م عندما ألغى الحكم هدفاً في الدقائق الأخيرة خلال مباراة ضد الأرجنتين، فهطل مطر من البرتقال وعلب البيرة من الجماهير الملتهبة بالغضب، فقامت الشرطة برمي قنابل غازية جعلت الوضع العام في هلع شديد، ففر الناس إلى أبواب الخروج المغلقة فانحشروا عندها جميعاً وسقط منهم أكثر من ثلاثمائة قتيل .
2) الخلاف والشقاق
فكم تسبب التعصب الرياضي من خلاف بين الأصدقاء بل وبين الأسرة الواحدة، والواقع يشهد بخلافات ومشاحنات بين الزوج مع زوجته أو الأب مع أبنه أو بين الأخ وأخيه، وقد يزداد الأمر سواء إلى الهجر والمقاطعة أو أكثر من ذلك بضرب مبرح ونحوه من سباب وشتم ووقاحة عبارات وبخاصة تجاه حكام المباريات فضلاً عن غيرهم .
3) الضرر والإضرار
ولذلك صور عديـدة، يلمسها الناس مـن خـلال الوقائع المتكررة ومنها :
1- تحطيم زجاجات السيارات .
2- ضرب المارة والعبث بأغراضهم .
3- تعطيل الطرق وتأخير السائقين عن بلوغ مقاصدهم .
4- تحطيم واجهات المحلات والسرقة منها .
5- التصادم مع رجل الأمن والإضرار بسيارات الدولة .
6- العبث بالسيارات بالتفحيط الجنوني مما قد يؤدي إلى تلفها أو الإضرار بها .
7- الإساءة إلى مشاعر الناس بالتصرفات الشاذة وقلة الحياء وسوء الأدب .
وغير ذلك الكثير من الصور المؤلمة .
4) إشغال أمن الدولة عن واجباتها
فحفاظاً على أمن المواطنين من العابثين يُستنفر رجال الأمن وعتاده لمواجهة هذه الفوضى التشجيعية،وبالطبع سيكون ذلك على حساب مراقبة الأمن في أطراف أُخرى .
5) ضياع الطاقات والأوقات
فكم هي الأوقات التي تمضي في متابعة المباريات تلو المباريات؟ وكم هي الطاقات التي تصرف في متابعة الأخبار الرياضية وتحليلات الرياضيين؟ ومع هذا وذلك، كم هي الأموال التي تُبذل في سبيل شراء كل ما يتعلق بالمباريات من جرائد ومجلات وشعارات ونحوها .
6) الإعجاب باللاعبين الكفار والتعصب لهم
فكم ترى من شباب أغرار يتفاخرون بموضات غربية وقصات شعر شاذة، وما فعلوا ذلك إلا تقليداً للاعبين الأجانب، أُعجبوا بهم فتلبسوا بلباسهم، ومنهم من أخذ به الانبهار بهؤلاء حتى علق صورهم الكبيرة في غرفته، وسارع إلى بذل الأموال الطائلة لجمع أفلام مبارياتهم.. ومفسدة ذلك ظاهرة في تميع البراء من الكافرين، ونسيان عدم جواز التشبه بهم فضلاً عن أموال تهدر في تبذير لا يحبه الله .
7) الاضطرابات النفسية .
بعض المشجعين يصيبهم القلق والتوتر الشديد إذا كانت المباراة لفريقه المفضل حيث تجده قبل بداية المباراة يتحرك إلى أحد الطرق السريعة كي يشغل نفسه بعيداً عن محور أحداث المباراة وذلك خوفاً من نتيجتها، وربما يستخدم أحدهم إبراً أو حبوباً مهدئة بسبب التوتر الشديد الذي حصل له قبل المباراة أو في أثنائها  . 
8) التساهل بالواجبات .
فكم سمعنا عن (مشجعين) ممن يتابعون مباريات كأس العالم، أنهم يستيقظون في النصف الأخير من الليل، ليشاهدوا المباريات على شاشة التلفاز، وتفوتهم صلاة الفجر؟! ومنهم من يقدم مشاهدة المباراة على الهواء مباشرة على حضور صلاة الجمعة سواء بحضورها في المدرجات أو بمتابعتها من خلال الفضائيات!!

9) الانشغال بالتشجيع عن قضايا الأمة .
فإن الواقع يشهد أن المتعصبين لهذه المباريات يحملون همها وينشغل تفكيرهم بها، ويتناسون معها قضايا الأمة الكبرى، ومنهم من يموت عنده الحس الإسلامي فلا يأبه بتشريد أو تقتيل إخوانه من المسلمين ولا يحزن لتدنيس مقدسات الإسلام، ومعلوم أن هذا ما يرتجيه الأعداء منا كما ذكر اليهود في بروتوكلاتهم.
إلى غير ذلك من مفاسد لا يتحمل هذا المقال سردها .
* عـلاج آفة التعصب الرياضي .
إن ما تقدم من حديث عن المفاسد الكثيرة لهذه الآفة ليؤكد أهمية البحث عن علاج يُطفئ هذه الحماسة الطائشة والهيجان الفوضوي، ومما ذكره المتخصصون في سبيل تحصيل ذلك أو تقليله ما يلي :
1) توعية الشباب بالفرق بين التنافس الرياضي الطبعي والتعصب الممقوت .
فينبغي أن يستوعب الشباب أن التنافس الرياضي المحمود هو ما كان روحاً للاعبين يستقون منه الشعور بالتحدي وفعالية الخصم حتى لا يحصل الفتور والامبالاة فتفقد اللعبة عصبها الحيوي .
بينما التعصب الرياضي آفةٌ وزيادة في الحماسة تخرج اللاعبين عن ثمرة هذه اللقاءات (وهي حصول التآلف والمحبة وتنشيط الأبدان)، وتكون النتيجة عكسية فتُزرع الخصومة والبغضاء وإيذاء الأبدان بين الجماهير المُشجعة .
2) تفريغ طاقات الشباب البدنية في ما ينفعهم .
فإن المتأمل لواقع كثير من المشجعين يجد أن علاقتهم بالرياضة مجرد التصفيق والتطبيل، أما ممارستهم الفعلية للرياضة فسلبية للغاية، ولذا لابد أن يوجه هؤلاء إلى تفريغ طاقاتهم فيما ينفعهم، وميدان الألعاب الرياضية النافعة واسع يقبل تعدد ميولات الشباب وطباعهم .
3) العقوبات الصارمة للفوضويين .
فإن من أمن العقوبة أساء الأدب، والفوضويون الذين يستغلون حماسة المشجعين الرياضيين ينبغي أن يوقفوا عن مهاتراتهم وأن يُؤدبوا على تجاوزاتهم، وبذلك يسلم المجتمع من تخريبهم، وتكون هذه العقوبات رادعاً لمن أراد أن يقتدي بهم أو يتحمس لأفعالهم المشينة .
4) التربية الإسلامية والتنافس المحمود .
أثبتت التجربة الواقعية للمراكز الصيفية (والتي أخذت على عاتقها تربية الشباب تربية إسلامية) أن المباريات الرياضية بتنافس لا يتجاوز الحدود أمرٌ ممكن، وذلك أن التنافس هنا لا يتعدى الأخوة الإسلامية، ولا يسمح فيه بسوء الأدب أو تحطيم الولاء للمؤمنين، وبذلك وبغيره تبقى الرياضة في حدودها المباحة بعيداً عن البذاءة والفحش في الأفعال والأقوال ..
5) تربية الشباب على الاعتزاز بهويتهم .
فينبغي على الشباب المسلم أن يعتز بهويته الإسلامية وضوابطه الشرعية، وأن لا يتشبه باليهود والنصارى في طرائقهم في التشجيع والتعبير عن فرحهم، ومعلومٌ أن الإسلام يأمر بالاستقلالية والتميز، والنصوص الشرعية الدالة على ذلك كثيرة، منها :
قوله صلى الله عليه وسلم (من تشبه بقوم فهو منهم) .
ولذا حريٌّ بالآباء والمربين أن يغرسوا في الشباب اعتزازهم بهويتهم وعدم قبول ما يفعله شباب الغرب، وأن يترفعوا عن تقليدهم في الرقص الجماهيري، وتلطيخ الوجوه بأصباغ شاذة المنظر وما شابهما من سفه .
6) وضع ضوابط حازمة على الصفحات الرياضية .
ويُراد من هذه القيود تحصيل مصلحة عرض الخبر الرياضي دون اقترانها بتجاوزات غير أخلاقية، ومن هذه الضوابط :
1- منع التجريح أو التهجم على الأشخاص .
2- منع الكتابات التي تمتلئ تعصباً ممقوتاً .
3- التعاطي مع جميع الألعاب الرياضية المفيدة وعدم التركيز على كرة القدم .
وحريٌ بهذه الصفحات أن تكون منبع خير وفائدة، وأن توسع من دائرة مجرد عرض الأخبار الرياضية إلى التوعية بالرياضات المفيدة والتعريف والبيان لآخر الدراسات المهمة في هذا الجانب .
7) الحزم مع اللاعبين العابثين .
فاللاعب العابث محط أنظار الكثيرين من المعجبين، فإن كان قدوة في هيئة وتصرفاته، صار لذلك أثره على الآخرين وإن كان عابثاً وقحاً اقتدي به غيره، لذا فالواجب على القائمين على الشؤون الرياضية أن يجعلوا العقوبات العديدة على كل من يجاهر بوقاحته وصلفه أمام الجماهير، ومن جميل ما ذُكر في ذلك أن بعض الدول الإسلامية قررت منع اللاعب من تمثيل فريقه إن ظهر عليه التجمل بقصات شعر غربية .
8) التربية على الروح الرياضية الإسلامية .

إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يضعُ لنا المثلَ الأعلى في الروح الرياضية ، فليتنا نعي الدروس والعبر !!.. فعن انس بن مالك رضي الله عنه قال: كانت العضباءُ (ناقة النبي ×) لا تُسبق، فجاء أعرابيٌّ على قعود له فسابقها فسبقها، وكأنَّ ذلك شقَّ على أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، ولكن المربي العظيم رسول الله صلى الله عليه وسلم ينتهز الفرصة، ليعلمهم الروح الرياضية، ويعطيهم درساً في أن الجلوس على القمة في الدنيا لا يدومُ لأحد فقال عليه الصلاة والسلام: (إن حقاً على الله عز وجل ألا يرفَع شيئاً من الدُنيا إلا وضعه) رواه البخاري .

الثلاثاء، 27 أكتوبر 2015

ميزانية الأسرة ..تحت المجهر !

هذا الموضوع من أهم المواضيع التي تحتاجها العائلة لأنه ما من مشروع ولا من مؤسسة إلا ومن دعائم نجاحها أن يكون لها ميزانية. فكلما كانت الحسابات واضحة أمام أفراد الأسرة ساعدهم ذلك على النجاح.
أما إذا أسرف الوالدان بالميزانية ولم يُحسنا التصرف فسوف تصاب العائلة بالضائقة المالية وسوف تتكالب عليهم الديون!!والسبب أنهم لم يحسنوا إدارة أموالهم.
1- لماذا نريد للعائلة ميزانية؟وما الذي تستفيده العائلة من كتابة ميزانيتها؟.
هناك مجموعة من الفوائد وهي:
أ – تامين مستقبل العائلة.
ب – تقليل نسبة المفاجآت المستقبلية: بحيث يعرف الزوجان ما هي المشاريع المستقبلية بعد سنة أو سنتين أو خمس أو عشر سنين ويكونان قد عملا حسابهما لهذه المشاريع.
ج- لا تجعل الأزواج يعيشون في فوضى مالية: وهذا يعني أنهم لا يعرفون كيف يتصرفون أو يتخذون قراراتهم, فعملية الميزانية تضبط عملية الصرف والإيرادات وبالتالي يكون عند الزوجين رؤية واضحة لوضعهم المالي يومياً وشهرياً وسنوياً.
د – تساعد في اتخاذ القرارات: مثال: لو كان هناك شيء بألف ريال عـرض على أحـد الناس , فهل يصرف الألف ريال ويشـتري هذا الشيء أم لا ؟ ومن الذي يحكم بنعم أو لا هل الزوجان أم الميزانية ؟.
هـ – يعرف الزوج والزوجة أولويات التصرف بأموالهم.


2- ضبط الإيرادات والمصروفات للأسرة:
في نهاية السنة يكتشف الزوجان أن لديهما فائضاً مالياً وهذا يعني أن مصاريفهما أقل من إيراداتهما أو يجدان العكس. إذا كيف يستطيع رب الأسرة ضبط المصروفات والإيرادات. يتم ذلك بإعداد جدول بالبنود التي يُصرف عليها شهرياً.
 مثال: البـــند الأول: الصرف على الطعام والشراب.
 البند الثانـي: اللحم ـ الدجاج ـ السمك.
 البند الثالـث: أقساط للسيارة ـ للبيت ـ للأجهزة.
البند الرابـع: مصاريف الأولاد.
 البند الخامس: مصاريف الزوجة.
البند السادس: إذا كان هناك تبرع خيري شهرياً.
البند السابــع: إذا هناك إيجار سكن شهري.
البند الثامـــن: إذا كان هناك ديون تسدد شهرياً تضع لها خانة وهكذا.
ومن المهم أن يبدأ الزوجان في التفكير الجاد في مصاريفهما هل لها معنى أو لا.وأموالهما هل يستثمرونها استثماراً صحيحاً أم لا ؟وكل هذه الأفكار تأتي للزوج أو الزوجة لضبط الإيرادات.
* أعلى نسبة صرف لدى الأسرة ..
- الأسرة اليابانية أكثر إنفاقها الشهري على التعليم.
- الأسرة الأمريكية أكثر إنفاقها الشهري يذهب على الاتصالات والمواصلات.
- الأسرة الإيطالية أكثر إنفاقها الشهري يذهب إلى الطعام.
- الأسرة الخليجية: 43% من نفقاتهم يذهب إلى وسائل الترفيه والوجبات السريعة.


* أنواع التوفير :
التوفير العفوي : أن يحلم الزوجان أن يوفرا يوماً مبلغاً ما .
التوفير المؤقت : توفير لمدة 3 أشهر.
التوفير الدائم : توفير لسنوات .
التوفير الإجباري : لا مصروفات فيبقى مدخر شهري لزاماً.
* استراتيجية توفير فردية وأسرية .
1- خطة تقشف للتخلص من أزمة مالية.
2- فتح حساب إدخار لا يمس.
3- تجنب الديون.
4- التوازن بين رغباتنا وملذاتنا وحاجيتنا وإمكانيتنا المالية .
5- تحديد موضع الخلل في المصاريف.
6- التخطيط المبكر للمستقبل.
7- التقليل من استهلاك المواد غير الضرورية أو الكمالية.
8- محاولة رفع الدخل الشهري.
9- التزم شراء ما تحتاجه في المراكز الغذائية .
10- إرشاد استخدام الاتصالات والكهرباء.
3- الحذر من الديون .
قبل الدخول في أخذ دين يجب أن يسأل الزوجان أنفسهم بعض الأسئلة وهي:
س1: هل الشيء الذي سنقترض من أجله ضروري أم لا ؟.
س2: هل وقت الاقتراض الآن مناسب ؟.
س3: هل المبلغ الذي سأقترضه سيؤثر على ميزانية الأسرة ؟ وما هو نوع التأثير ؟. س4: ما القرارات التي ستتخذ بشأن الأسرة بعد الاقتراض ؟.

 س5: كم سيستغرق سداد الدين ؟ وهل أنا وعائلتي مستعدين لذلك ؟. ويجب أن يكون قرار الاقتراض قرار جماعي.

ماذا بعد الفشل؟

1- الفشل ليس رذيلة مادام أنه لن يكون المحطة الأخيرة في التجارب التي تمر بها ، بل يصبح الفشل فضيلة حين يكون دافعًا للنجاح.
2- الفشل في أبسط دلالاته يعني : ( الإخفاق في تحقيق أو إنجاز أهداف محددة مسبقًا ).
3- دائمًا ما يثير الفشل لدى الناس الخوف والإحباط نظرًا لارتباطه بالعقاب الذي يتدرج من التوبيخ والازدراء إلى العقوبات الماديّة والمعنويّة من جانب الآخرين.
4- السؤال المهم هو :ماذا بعد هذا الفشل؟ من الناس من يكون فشله ضربة قاضية تغير مسار حياته إلى الأسوأ، ومنهم من يوفقه الله للخروج من إخفاقه.
5-                    قال إرنست همنغواي : إذا عرفنا كيف فشلنا نفهم كيف ننجح. وقال سوفوكليس : الإخفاق بشرف خير من النجاح بغش. وقال بترارك : ليس سقوط المرء فشلاً ، إنما الفشل أن يبقى حيث سقط.
6-                     قالوا :في بعض الأحيان يكون الفشل عنصر خير في حياة الإنسان، فهو الذي يكشف للإنسان نقاط ضعفه، وينبهه إلى الثغرات الموجودة في عمله.
7-                     (الفشل ينبغي أن يكون مُعلماً لنا وليس مقبرة لطموحاتنا، والفشل ما هو إلا حالة تأخير وليس هزيمة، إنه تحول مؤقت عن الوصول إلى الهدف وليس نهاية مميتة، وهو شيء يمكننا تجنبه فقط بأن نقول أو نفعل أو نكون شيئاً ).
8-                     إذا خسرت شيئاً فلا تقف باكياً ، وإنما حاول أن تعوض عنه لتنطلق إلى أرباح جديدة في الحياة .
 ولذا تتكرر في نفس الفاشل ثلاثة أعذار تختلف باختلاف موقعه, وهذه المبررات المزعومة هي :
* أنا مقيد بكذا وكذا (الأسرة، الفقر، العادات والتقاليد)ولذلك أنا فاشل.
* ما فشلت إلا لأنه ينقصني كذا وكذا ( الأصدقاء ، المال ).
* أنا فشلت في كذا لأنه لم يحالفني الحظ ( مقدر علي أن أكون فاشلاً).

9-                    من المهم أن نعلم (أن ذبذبات الفشل تمر من عقل إلى آخر بسرعة كبيرة، والشخص الذي لا يكف عن الحديث مع الغير عن الجرائم وعن الإحباط وعن الأوضاع البائسة التي لن تتحسن سيجعل الآخرين بعد لحظات يفكرون بنفس تفكيره.

حدد مسارك..في حياتك

إن حياتك التي قد تمتد لسنوات تعني أنك ستعيش أياماً إما أن تكون لك أو عليك وهذا يعني أن عمرك سيتقلب بين الفوز والفشل والبهجة والحزن واليسر والعسر وهي تحديات يختلف الناس في التعامل معها..
إن الحياة قد تكون قاسية لكننا لسنا ضحايا لها أو أنه لا ينبغي لنا أن نكون كذلك ! ومع ذلك فالحياة نعمة من الله ينبغي الإحسان فيها وعدم الاستسلام لكدرها،ولن يكون ذلك إلا بالاستعداد للمستقبل بتعلم قواعد الحياة وفقه سُنن الله فيها.
ومن المهم أن نتذكر أن الخوض في الحياة بكل تعقيداتها بلا فهم يعتبر حماقة وغباء ولا أظن أن عاقلاً يقبل ذلك لنفسه ولو قبله حيناً من العمر فإنه سيجد الويلات والعواقب الوخيمة ولو بعد حين وعندئذ سيندم ولكن بعد فوات الأوان..
ومن تجربتي وتجربة الكثيرين توصلت إلى قناعة تامة وقطعية وهي: أن من استغنى عن توجيهات أهل الخبرة وتعالى عن وصاياهم الحكيمة فإن عقله غير الناضج سيطوف به في كل واد وحين يُفيق من غيبوبته الطويلة سيعض أصابعه نادماً ويلوم نفسه متسائلاً :كيف أنه لم يجمع عقله إلى عقول غيره ليصل إلى ما ينفعه حقيقةً لا ما توهم أنه ينفعه .
إن ما حصل عليه معظمنا من تعليم وما جمعناه من خبرات،لا يمدنا بأية معلومات في مجال إدارة الحياة بنجاح..وواقع الحال يشهد ( إن تسارع الحياة وتعقدها في هذا العصر يجعل من الصعب أحياناً التراجع قليلاً للبحث في عقولنا وأرواحنا عن مدخل نستطيع الولوج منه نحو ما نحن عليه وما نحتاج إلى أن نكون عليه،وما من بديل في ذلك عن العمل الجاد على الطراز القديم والإعداد السليم وإتباع خطط واضحة في كل أيامنا وعلاقاتنا.)حياة حقيقة،د.فيل، ص3  

إن الهدف النهائي من هذا المقال هو أن تكون مهيئاً للسير في حياتك بثقة وقوة،معتمداً بعد الله على استعداد،تحدد مسارك في حياتك بعلم مستعيناً بأهل الخبرة والتجربة الناضجة وليس على غرور أجوف.