"المفاتيح" ما هي إلا أدوات تصلُ بأصحابها إلى ما وراء الأبواب المغلقة،
وهذه الصورة الحسية تنطبق على الواقع المعنوي، فكم من الناس من يكون أداةً يفتح
الله على يديه مخازنَ الخير وقد كانت مغلقة بعوائق وعوالق، وبالمقابل كم من
الأشرار من كان أداة لفتح أبواب الآثام والمعاصي وقد كانت مغلقة بتقوى القلوب
وترفع النفوس الصالحة.. وهذه المعاني جاءت على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم
.
* فعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن من النَّاسِ مفاتيحَ للخير، مغاليقَ
للشرِّ، وإن من الناس مفاتيح للشرِّ، مغاليق للخير، فطوبى لمن جعل الله مفاتيح
الخير على يديه، وويل لمن جعل الله مفاتيحَ الشرِّ على يديه" رواه ابن ماجه
وحسنه الالباني 194 .
* "مفاتيح الشر" قوم فاسدون في المجتمع، لا
يفكرون إلا بالإثم، ولا تطوف في أذهانهم إلا المنكرات، إنهم فئة توجد حيث نهى
الله، وتُفقد حيث أمر الله ، تنام شرورهم في نهار الفضيلة، وتستيقظ في ليل
الرذيلة.
* "مفاتيح الشر" أنواع
وأشكال، تشارك الموظفَ في وظيفته وترافق الطالب في مقاعد دراسته، وتعاشر الأسرة في
عقر دارها، ولربما كان أحد هؤلاء (مفاتيح الشر) يلبس لباس الجار المُحب أو الصديق
المخلص، وترى الكبار رجالاً ونساءاً في حيرة من هذا الأمر فكيف بالشباب والمراهقين
.
* "مفاتيح الشر" لهم سبل
يُسقطون بها الصالحين فيردوهم على أعقابهم قال تعالى: (قل أندعوا من دون الله
مالا ينفعنا ولا يضرُّنا ونردُّ على أعقابنا بعد إذ هدانا الله كالذي استهوته الشياطين
في الأرض حيران له أصحاب يدعونه إلى الهدى ائتنا، قل إن هدى الله هو الهدى وأمرنا
لنُسِلمَ لرب العالمين) سورة الأنعام 71 .
* و "مفاتيح الشر" ربما
كانوا فئةً بقلوبٍ شيطانية، قال الرسول صلى الله عليه وسلم : "تكون بعدي
أئمة لا يهتدون بهديي، ولا يستنون بسنتي، وسيكون فيكم رجالٌ قلوبهم قلوب الشياطين
في جُثمان أنس" رواه مسلم .
* و"مفاتيح الشر" لهم
الأثر البالغ على المرء، وبخاصة على من كان في سن الشباب فإن هذه المرحلة تبرز
فيها العاطفة الهائجة وحب الانتماء، وفي دراسة أُجريت في دولة خليجية حول أثر
رفقاء السوء في انحراف الابناء كانت النتائج التالية :
59.5% من أسباب الانحراف
لأحداث دار التربية ترجع إلى رفقاء السوء .
72.2% من مجموع الأحداث لهم
رفقاء ارتكبوا انحرافات مما يؤكد تأثر الشاب برفقاء السوء .
70.2% من مجموع الأحداث في
السجن فعلوا جرائمهم مع آخرين .
وقد ضرب الرسول صلى الله عليه وسلم مثلاً
بمجالسة نافخ الكير .
* قال صلى الله عليه وسلم : "ونافخ
الكير، إما أن يحرق ثيابك، وإما أن تجد منه ريحاً خبيثة" رواه البخاري
ومسلم بتمامه .
* وقال صلى الله عليه وسلم محذراً: "المرء
على دين خليله، فلينظر أحدكم من يخالل" صحيح الجامع 3539 .
* و"مفاتيح الشر" لهم أساليب
ترغيبية، وطرائق تشجيعية، وسبل شيطانية كلها تأخذ بيد الغافل إلى فسق ومجون، وضياع
وجنون، ولسان حالهم:
وكنت إمراً من جُند ابليس فارتقى بي
الدهرُ
حتىصار ابليس من جـنـدي
فلو مات قبلي كنت أُحسن طرائـق
فسـقٍ
ليـس يُحسـنـها بعـدي
* وعاقبة "مفاتيح الشر"
أخبر الله عنها على لسان النادم من مصاحبتهم قال تعالى: (ويوم يعضّ الظالم على
يديه يقول ياليتني اتخذت مع الرسول سبيلا ، يا ويلتى ليتني لم أتخذ فلاناً خليلا ،
لقد أضلني عن الذكر بعد إذ جاءني وكان الشيطان للإنسان خذولا) سورة الفرقان .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق