* الجزاء العاجل :
يُحدث أحد الشباب وهو من الذين
ذهبوا للدراسة في أوروبا أن هناك رجلاً أسلم من الأوربيين وحسُن إسلامه, وصار
حريصاً على تطبيق شعائر الإسلام كلها وكان فرِحاً بدينه الجديد معتزاً بتعاليمه.
يقول هذا المسلم الجديد : ( أُعلن
في إحدى المؤسسات الحكومية عن فرصة وظيفية فتقدمت لها وكان لا بد من المقابلة
الشخصية وبخاصة أن التنافس قائم على هذه الوظيفة, وحين جاء دوري وبدأت المقابلة
قالت لي لجنة المقابلة: هل تشرب الخمر؟قلت : لا أشرب الخمر لأنني أسلمت وديني
يمنعني من معاقرة الخمر وشربها.قالت اللجنة: هل لك خليلات وصديقات ؟ قلت: لا ..
لأن ديني الإسلام الذي أنتسب إليه يُحرم عليّ ذلك ويقصر علاقتي على زوجتي التي
نكحتها بمقتضى شريعة الله).
وبعد أسئلة عديدة , خرج هذا الرجل
وهو شبه يائس من أن يُرشح لهذه الوظيفة, وبعد أيام ظهرت نتيجة المسابقة وهي أن
اللجنة قدمت هذا الرجل على مئات المتقدمين, فذهب إلى مسؤول هذا اللجنة, وسأله
قائلاً : كنت أنتظر أن تحرموني من هذه الوظيفة عقاباً لي على مخالفتي لكم في دينكم
وعلى اعتناق الإسلام , ولكنني فوجئت بقبولي وتقديمي على الآخرين من إخوانكم من
النصارى, فما سر ذلك ؟, قال المسؤول : ( إن المرشح لهذه الوظيفة يُشترط فيه أن
يكون شخصاً منتبهاً في جميع الحالات حاضر الذهن والشخص الذي يتعاطى الخمر لا يمكن
أن يكون كذلك, فكنا نترقب شخصاً من الذين لا يشربون الخمر , ونظراً لتوفر هذا فيك
فقد وقع الاختيار عليك دون غيرك ).
* الشمعة الناصحة:
بعد أن تأهل الشاب للدراسة العليا
على يد أحد المشايخ بعيداً عن بلده ,واجهته أمور جديدة فقد ابتعد عن والديه الصالحين
الذين ربياه على التعلق بالله ولزوم جماعة المسجد وحلقات العلماء , وحين وصل إلى
مبتغاه أصبح في هذه البلد غريباً وحيداً يعتصره الحزن والألم ولا يسليه بعد الله
إلا الصبر وطلب الأجر.
كانت البداية صعبة ومؤرقة ولكنها
تيسرت أمام التطلع للعلم والفقه في الدين, استقر الشاب الصالح في غرفة صغيرة تحتضن
كتبه العلمية ونسخه الصفراء المسودة بكلام العلماء.
مضت الأيام على أحسن حال فلقد أحبه
الجيران وأنس به رفاقه من طلبة العلم, واهتم به شيخه اهتماماً خاصاً ورفق به,
فالحمد لله الذي تتم بنعمته الصالحات.
لكن المؤمن يُبتلى على قدر دينه ,
فلقد كان في جوار مسكن هذا الشاب بيتاً فيه فتاة حسناء مراهقة لفت نظرها كثرت كلام
والدها عن هذا الشاب وإعجابه به, فتعلق قلبها بخاطرة شيطانية وهي : كيف السبيل
للتعرف عليه ؟
كانت خاطرة تعني أن هذا الشاب
مقبلٌ على فتنة عظيمة, فهو شاب أتاه الله جمال خلق وأخلاق وفي غربة عن بني
قومه,وهي فتاة حسناء بعيدة عن التقوى وأهلها غافلون عنها ويُحسنون الظن بها .. إنها
فتنة تُذكر بيوسف عليه السلام وامرأة
العزيز, فهل ينجو هذا الشاب كما نجا يوسف عليه السلام؟.
فكرت هذه الفتاة وقدرت وأصبحت
تتصيد الفرص, وفي أحد الأيام وبينما الشاب الصالح ماراً بجوار بيت الفتاة متجهاً
إلى سكنه, إذا بها تراه , وعلى الفور صرخت منادية إياه تزعم أنها تطلب المساعدة
منه لإدخال أغراضها .فلبى حاجتها فأقبل إليها ودعاها إلى الدخول إلى بيتها قبله وطلب
منها ستر مكان النساء وإبعادهن عن المدخل, ثم حمل الأغراض وأدخلها وكان غاضاً
لبصره استجابة لأمر ربه وقياماً بحق جاره, بعدها ولى مسرعاً إلى الخارج ولم ينتظر
من الفتاة رداً أو شكرا, وهكذا فشلت مؤامرتها الأولى وشعرت بالمرارة والكمد ولكنها
لم تفقد الأمل في أن تلتقي به مرة أُخرى.
وفي ليلة من الليالي المظلمة شديدة
البرد, وبينما الأمطار تتساقط والسماء تضيء بين الحين والحين بصوت الرعد المفزع,
وبينما الشاب الصالح قد أضاء شمعة يقرأ تحت ضوئها كلام العلماء إذا بالباب يُطرق, فقطع
الشاب أفكاره واستذكاره واتجه إلى باب غرفته فإذا بالفتاة نفسها بنت الجار تتباكى
أن بيتها طرقته مرات عديدة ولا تجد لها ملجأً وهي خائفة جداً.. أصاب الشاب الذهول
واهتز قلبه وارتجفت جوارحه واختلطت عليه الأمور من هول الصدمة, وفي خضم المفاجأة
إذا بالفتاة تدخل وتُلقي بنفسها الأرض وكأنما أعياها التعب.. حدثت الشاب نفسه: يا
الله ماذا أفعل؟ وكيف أنجو من هذه الفتنة العمياء؟ .
تساؤلات ترددت على قلبه متلاحقة,
ومن شدة الموقف لم يجد لها جواباً !!
غض بصره عنها والتفت عن يمينه وجمع
نظره إلى شمعته المضيئة فإذا بلهيبها كأنما يحادثه ويذكره بتقوى الله وأنه على
عذاب النار لا يقوى ( أفمن يُلقى في النار خيرٌ أم من يأتي أمناً يوم القيامة
أعملوا ما شئتم إنه بما تعملون بصير) سورة فصلت40.
اقترب هذا الشاب الصالح من شمعته
ووضع أُصبعه فوق شعلتها فصرخ فزعاً من شدة الألم ثم فر بجلده خارجاً من غرفته
تاركاً الفتاة مستلقية ترقبه بتعجب!!.
رجعت الفتاة إلى بيتها نادمةً على
فعلتها , وبكت بين يدي والديها على قبيح ماقترفت , وأصرت عليهما أن يزوجاها من هذا
الشاب التقي الذي يخاف ربه ويراعي حق جاره..
فلما كان من الغد طلب والدها من
الشاب الصالح أن يقبل ابنته زوجة له وأصر عليه فوافق , فجمع الله بينهما بالحلال
دون الحرام.
ومن تأمل هذه الحادثة رأى عبرة
أيما عبرة , فإن الله عوض هذا الشاب بالفتاة نفسها لما خاف أن يخلو بها فضلاً عن
أن يمسها بالحرام ومن ترك شيئاً لله عوضه الله خيراً منه .
* وإذا مرضت فهو يشفين .
قال أحد الشباب معترفاً: ( لا زلت أتذكر وأنا في الرابعة عشر من عمري
..أنني أتحين الفرص وأبتعد عن الأنظار, لماذا؟ حتى أتجرع الخمر وأتلذذ به حتى
الثمالة!!.
مضت السنون على هذه الحال البائسة,
حتى كبر سني وأصبحت في سن الأربعين, وفي يوم من الأيام أحسست بالتعب وشعرت أن
الأمراض أقبلت عليّ من كل حدب وصوب , وكل ذلك من فرط الشراب العين أم الخبائث.
ذهبت إلى طبيب يعالجني وقد كنت
تركت هذا الشراب تائباً منذ فترة قصيرة, فلما رآني الطبيب وعلم ما بي قال لي : (
لا دواء لك إلا الذي كنت فيه !!) , نظرت إليه وقد بدأ علي الغضب, قلت له وقد تذكرت
رحمة الله : (لا.. بل يوجد علاج !!).فقام الطبيب من مكانه متعجباً من جوابي ثم
فارقني ولم يرد عليّ بكلام.
خرجت من عنده وقد عاهدت الله على
التوبة الصادقة والإنابة إليه, لم أفكر في شيء إلا الذهاب إلى الحرم المكي, لبست
إحرامي وكان الوقت بعد الظهر وجمعت قواي عازماً وقاصداً مكة شرفها الله, خرجت من
عند أصحابي مودعاً لهم وهم في غاية الذهول من تصرفي !!.
ركبت سيارة تُقلُني إلى مقصدي ومرت
بنا ثلاث ليال حتى بلغنا الحرم المكي فطفت ودعوت الله أن يشفيني ثم شربت من زمزم
وقلت داعياً : ( اللهم إما أن تشفيني أو تميتني ), فلما تضلعت وارتويت من ماء زمزم
أحسست بجوفي يهتز وكياني يضطرب , وشعرت بحاجتي إلى أن استفرغ ما في معدتي فخرجت
إلى باب الحرم فإذا بقطع من الدم تخرج من جوفي فلما توقفت, شعرت وكأنني ولدت من
جديد, وما زادني ذلك إلا إيماناً برحمة الله, فرجعت إلى ماء زمزم وشربت منه مرة
أُخرى حتى تضلعت فتحرك جوفي فرجعت إلى باب الحرم وقذف جوفي قطعاً من الدم وهكذا
ثلاث مرات , ثم أحسست بحاجتي إلى الاسترخاء والنوم فكان ذلك وبقيت في الحرم ثلاثة
أيام لا أشرب إلا من ماء زمزم ثم رجعت إلى المدينة ودخلت على ذاك الطبيب, فأجلسني
وكشف علي فإذا بيده ترتعش ثم رفع عينيه وقال بكل خشوع وخضوع : ( يا فلان الله
أعطاك من فضله ), ( يختص برحمته من يشاء والله ذو الفضل العظيم ).
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق