الاثنين، 11 يوليو 2016

فتنة " القيل و قال "

لا يكاد ينجو شباب الأمة من فتنة إلا وأُبتلي بفتنة أُخرى , وهذه الفتن المتتابعة فتن عمياء مظلمة غرق فيها من غرق , وسلم منها من سلم , ولا نجاة لأحد من هذا البلاء إلا بالاعتصام بالله عز وجل .
ولعل من أكثر هذه الفتن شيوعاً ما يمكن أن نصفه بفتنة " القيل وقال ", وهي كلمات تتناثر هنا وهناك لا يردعها إيمان ولا يضبطها شرع , تُغذيها الحماسة العاطفية فتزيدها تشنجاً وقسوة , بل وبذاءة وافتراء .
1) صور من واقع فتنة " القيل وقال " .
 إذا تتبعت هذه الفتنة وجدت أنها تجول وتصول في ميادين كثيرة , ومنها :
1-   كثرة القيل وقال في المجالس العامة والولائم والتجمعات العائلية.
2-   التخبط في المكالمات والمهاتفات ونقل الإشاعات.
3- كثرة الكتابات التي تهرف بما لا تعرف , سواء في المقالات الصحفية أو في المنتديات الكثيرة في مواقع الإنترنت .
4-   الجرأة على الفتوى على الله بغير علم في وسائل الإعلام المختلفة .
5-   التطاول على العلماء بلمزهم والسخرية من فقههم .
6-   تبادل رسائل ( الجوال ) في معاني تتجاوز الضوابط الشرعية والآداب المرعية .
2) حتى لا تقع في فتنة " القيل وقال ".
من المهم أن يتذكر الإنسان بعض الوصايا ليسلم من الغرق في وحل هذه الفتنة العمياء , ولعل من أهمها :
أولاً : استشعر مسئولية الكلمة .
فحريٌ بالإنسان أن يتذكر أن الكلمة إذا خرجت من فمه فإنه يتحمل عاقبتها , والله عز وجل بين لنا أن الملائكة تحصي كل لفظة كما قال تعالى ( ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد ), ورسول الله صلى الله عليه وسلم حذر من عدم المبالاة في اختيار الكلمات ,ومما قاله : ( ... وإن العبد ليتكلم بالكلمة من سخط الله لا يلقي بالاً يهوي بها في نار جهنم ) والحديث بتمامه في صحيح البخاري وغيره . 
ولذا ليكن شعارك الدائم هو قوله صلى الله عليه وسلم : ( قل خيراً أو لتصمت ) .
وتذكر وصية الأول :
       أقلل كلامـك واستعـذ من شره     إن البلاء ببعـضه مـقرونُ
       واحفظ لسانك واحتفظ من غيه       حتى يكون كأنه مسجونُ
ثانياً : تذكر أن الكلمة المكتوبة محفوظة.
فحريٌ بالمرء أن يتذكر أن الكلمة إذا خطها بيده فإنه يتحمل عاقبة ما كتب , والله عز وجل بين لنا أن الأيدي ستشهد على أصحابها  عن كل كلمة كتبتها, وما أجمل وصية من قال في هذا الشأن :
   ومـا من كـاتب إلا سـيفنى     ويُبقي الدهر ما كتبت يداه
    فلا تكتب بكفك غير شيءٍ       يسرك في القيـامة أن تـراه
ثالثاً: استعذ بالله من شر لسانك .
ويؤكد ذلك ما جاء عن شكل بن حميد رضي الله عنه أنه قال : أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقلت : يا رسول الله علمني تعوذاً أتعوذ به , قال : فأخذ بكفي فقال : قال : ( اللهم إني أعوذ بك من شر سمعي, ومن شر بصري , ومن شر لساني , ومن شر قلبي , ومن شر منيتي ) .
رابعاً : إياك والكذب ونقل الإشاعات .
فالكذب وصمة عار لا ينفعها أن تصبغ بالبياض, فالكذبة أبيضها وأسودها, و أصفرها وأحمرها كلها على درجة واحدة .
وتأمل قوله صلى الله عليه وسلم في بشاعة الكذب على الآخرين , قال : ( كبُرت خيانة أن تُحدث أخاك حديثاً هو لك به مصدق وأنت به كاذب) روه أبو داود في سننه.
ومن الكذب نقل الكلام مجازفة دون تثبت , قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( كفى بالمرء كذباً أن يُحدث بكل ما سمع ).
 خامساً : من هتك ستر الناس فُضح .

فمن تتبع عورات الناس ,وشهر بزلاتهم وضخم عيوبهم لم يسلم من الفضيحة في الدنيا والآخرة , ومن هتك ستر الناس هتك الله ستره كما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم . ويكفي الإنسان رهبة من هذا الفعل المشين أن يتذكر قوله تعالى : ( والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتاناً وإثماً مبينا ) .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق