الخميس، 7 يوليو 2016

الشباب ..والبحث عن السعادة.

ما أكثر الشباب الذين سلكوا سبلا عديدة من أجل هدف واحد وهو تحصيل ’’ السعادة’’ وفي نهاية المطاف اكتشفوا أن سعادتهم كانت سراباً بقيعة يحسبه الظمأنُ ماءً حتى إذا جاءهُ لم يجدهُ شيئاً ..وعندها علموا أنهم سقطوا في مهاوي الخديعة. و تذكروا قول الأول:
هـي النفس إن أنت سـامحتها     رمت بك في مهاوي الخديعـة
          فـلا تعـبـأن بميعـادهــا       فميعادهـا كسـراب بقيعـة
ويأتي السؤال المهم : أين هي السعادة الحقيقية ؟
إذا وضعنا السعادة تحت مجهر الكتاب والسنة وكلام أطباء القلوب وجدنا أن السعادة إنما تكون بالطاعات والباقيات الصالحات  يقول الله تبارك تعالى ) مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ( (النحل:97) .
فالسعادة هي بالعمل الصالح على تقوى من الله وإيمان هذا هو سر السعادة الذي خفيَّ على كثير من المسلمين والكفار بعامه .. يقول إبن القيم رحمة الله :" وحول هذه الحياة يُدندنُ الناس كُلهُمْ و كُلهُمْ قد أخطى الطريق إليها وسلك طريقاً لاتفضي إليها بل تقطعهُ عنها إلا أقل القليل فدار في طلبها الكل وحُرم منها أكثرهم " .والسبب أنهم لم يأتوا البيوت من أبوابها .
ويقول رحمه الله :" ولكن يغلط الجفاةُ الأجلاف في مسمى الحياة [أي السعيدة] حيثُ يظنونها التنعم في أنواع المآكل والملابس والمناكح أو لذة الرئاسة والمال وقهر الأعداء ولاريب أن هذه لذة مشتركة مع البهائم بل قد يكون حظ كثير من البهائم منها أكثر من حظ الإنسان فمن لم تكن عنده لذة إلا اللذة التي تُشاركُهُُ فيها السباع والدوابُ والبهائم فذلك ممن ينادي عليه من مكان بعيد".
أما السعادة الحقيقية : فهي السعادة الشرعية ألتي يهبها الله للصالحين فتطمئن قلوبهم وتنشرح صدورهم وتزول غمومهم وهمومهم  ,جزاءاً من ربك عطاءاً حساباً . .
والمؤمن بهذه السعادة يتغلب على القلق والضنك ويصبر معها على المصائب والبلايا , فهي سعادة دائمة من وجهين :
الأول :دوامها في السراء والضراء .
الثاني:امتدادها بعد الحياة إلى حياة البرزخ والآخرة . "
قال ابن القيم رحمه الله : "ولاتظن أن قوله تعالى (إن الأبرار لفي نعيم " مختص بيوم المعاد فقط , بل هؤلاء في نعيم في دورهم الثلاثة" يريد في الدنيا والبرزخ والآخرة .
وبالطبع أولئك الذين يعيشون السعادة الوهمية لايصدقون هذه الكلمات المضيئة ويظنون أنها خيال بل مُحال وهذا من زيغهم ، يقول ابن القيم رحمة الله :" إنما يُصدقُ بهذه الأمور من كان في قلبه حياة وأما ميتُ القلب فإنه يوحشك ثم فاستئنس بغيبته ما أمكنك فإنه لايوحشك إلا حضوره عندك " .
وأنظر إلى شيخ الإسلام ابن تيميه وهو يحاول وصف سعادته بالتمسك بكتاب الله وسنة رسوله  يقول رحمه الله :" فإن اللذة والفرحةُ والسرور وطيب الوقت والنعيم الذي لايمكنُ التعبيرُ عنه إنما هو في معرفة الله سبحانه وتوحيده وانفتاح الحقائق الايمانية والمعارف القرآنية "
ويقول أحد السلف وهو يستشعر لذة الطاعات : "إن كنت في الجنة في مثل هذه الحالة فإني إذاً في عيش طيب " .


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق