الجمعة، 15 يوليو 2016

الشباب واللهو العابث

مازال عدد من الشباب يعيشون عبثاً يصبحون ويمسون عليه، وهذا العبث الدائم يظهر في صور عديدة، منها:
1- العبث بأرقام عشوائية في الهاتف وما يتبع ذلك من إزعاجٍ للنائمين وإدخالٍ للرعب في قلوب الآمنين أو تلاعب بأعراض بنات المسلمين ثم يخرج هؤلاء العابثون بنصيب من الآثام والشتائم، والملائكة تُحصي وتكتب (ما يلفظ من قولٍ إلا لديه رقيب عتيد) (وإن عليكم لحافظين، كراماً كاتبين، يعلمون ما تفعلون) .
2- العبث بالسيارات وما يصاحب ذلك من السرعة الجنونية وقطع الإشارات المرورية وإيذاء المسلمين في طرقاتهم، وترى هؤلاء العابثين يعبثون ( بالتفحيط ) على الشوارع السوداء ويعبثون بـ ( التطعيس الخطير ) على الرمال الصفراء يقتلون أوقاتهم، ويُحرقون أموالهم.. ويحسبون أنهم رفعوا رآية الفتوة وكسبوا تطبيل المعجبين وتصفيقهم.. وحقيقة الأمر أنهم يخرجون بانتحار وموت محقق أو دون ذلك إعاقة وتشويه .
حدث أحد الفضلاء؛ قال: ( جاء شابٌ عابث إلى صاحبه فاركبه السيارة وسارعا على غفلة من أبويهما إلى شوارع فسيحة.. وأصبح السائق يأتي بها يمنة ويسرة وصاحبه بجواره فرحاً مسروراً أما متى وقع هذه؟ فلقد وقع والناس يُصلون الفجر، قال أحد المصلين وبينما نحن كذلك إذا بنا نشعر بصدمة مجاورة قوية.. فلما قُضيت الصلاة خرجنا مسرعين فإذا بنا بسيارة تحترق فالتفتنا فإذا بشاب يخرج من السيارة لا يكاد يقف قد غرق بدمائه فأُخذ إلى الإسعاف لإنقاذه وجاءت سيارات الدفاع المدني بعد حين واطفوا الحريق، يقول هذا الشاهد: ( ولم يخبرنا الشاب السائق أن معه أحداً.. فلما فتحنا أبواب السيارة المحترقة إذا بنا نجد عظاماً سوداء.. لقد مات صاحبه محترقاً، بليت عظامه واحترق جلده) – رحمنا الله وأياه برحمته وختم الله لنا بحُسنِ الخاتمة- .
3- العبث بأجهزة الاتصالات الالكترونية والتجسس من خلالها على مهاتفات الناس والإطلاع على أسرارهم ومن هؤلاء الشباب العابثين من يجعل هذا اللهو سبيلاً لإيذاء نساء المسلمين وهتك أعراضهن –والعياذ بالله- .
4- ومن الشباب من ركب مسلك أذية العمالة من فقراء المسلمين فيتفنن في تدبير المقالب لهم فيبكون منها ويخرج هؤلاء العابثون بضحكات متتابعة وما علموا أن دعاء المظلومين مستجاب ولو بعد حين .
5- ومن الشباب من غرِقَ إلى أطراف أُذنيه في الألعاب الالكترونية من مثل       ( البلاي ستيشن) ونحوها، فترى الواحد منهم يصبح ويمسي معها لا يفارقها.. ولقد حدث أحد الفضلاء عن شاب بقي ثلاثة أيامٍ متواصلة في مباريات الالكترونية لا ينقطع عنها إلا للنوم أو قضاء الحاجة .
ولهؤلاء جميعاً نذكر هذه ( الحادثة ) ليعلم العابثون أنهم يخالفون فطرة الله، وينحرفون عن ما خلقهم الله لأجله (وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون) .
* مر أحد السلف بشباب يلعبون، فإذا به يرى شاباً ينظرُ إليهم ويبكي بُكاءً مُراً، فظن هذا الرجل أن هذا الشاب يُريد ألعاباً كألعابهم فقال له: ( يا بني أتريدُ أن أشتري لك كالذي عندهم؟) فقال هذا الشاب: ( ما لهذا أبكي) قال الرجل: إذاً لما تبكي؟ قال: أبكي أن هؤلاء يفعلون غَير ما خُلقوا له, أولم يسمعوا قول الله عز وجل موبخاً أهل الناس: (أفحسبتم أنما خلقناكم عبثاً وأنكم إلينا لا ترجعون) فدُهش الرجل من حُسن جواب هذا الشاب فقال له: (عظني يا بُني) فقال الشاب بنبرة مُشفقة:
                         فما الدنيا بباقية لحي     وما حيٌّ على الدنيا بباق
وصية للعابثين :
يا شباب :
إن الشباب في الغرب والشرق يملكون الصحة والقوة والحرية كما تملكون، ويعرفون من طرق العبث مالا تعرفون، لكن ذلك لم ينفعهم ولم يرفعهم بل ردهم الله إلى أسفل سافلين.. قال تعالى: (لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم ثم رددناه أسفل سافلين إلا الذي آمنوا وعملوا الصالحات فلهم أجرٌ غير ممنون) ومن أمثلة سقوطهم في أوحال الحيوانية :
* ما انتشر في المكتبات البريطانية من مؤلفات شاذة منها كتاب بعنوان ( في البالوعة) وهو يحكي موجة جديدة عمت الشباب هناك تحت مُسمى ( جماعة التافهين ) .
* ما تناقلته وسائل الإعلام عن تلك المجموعة من الشباب والذين اجتمعوا على ( عبادة الشيطان ) وإقامة شعائر هذه العبادة في البيوت القذرة المهجورة، وقد لطخوا أجسامهم بدماء الكلاب والفئران .
يا شباب
إن مرحلة الشباب قد تكون محنة ونقمة يوم أن يعيشها الإنسانُ بعيداً عن ما يُرضي الله (ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة أعمى) وتكون منحة ونعمة يوم أن يعيشها الإنسان في طاعة الله، قال صلى الله عليه وسلم: (سبعة يظلهم الله في ظلِّـه يوم لا ظلَّ إلا ظلُه) وذكر منهم (شابٌ نشأ في طاعة الله" والحديث بتمامه في صحيح البخاري .
وتأمل في قوله صلى الله عليه وسلم: ( اغتنم خمساً قبل خمس: حياتَك قبل موتك وصحتَك قبل سقمك وفراغَك قبل شغلك، وشبابَك قبلَ هرمك وغِناك قبل فقرك ) صحيح الجامع .
قال العلماء: ( وفي هذا الحديث ترى حرصه صلى الله عليه وسلم على شباب الأُمة وتجده يُحذرهم من التفريط في ذلك العمر لأنه زمنُ الصحة والقوة والاكتمال فهو غنيمة جديرة أن نتداركها قبل فوات الآوان) .
         بانَ الشباب وأمسى الشيب قد أزفا     ولا أرى لشبابٍ ذاهبٍ خلفا
         فمـا هـي إلا سـاعـة ثم تنقضـي  ويذهـب هـذا كله ويزولُ
لا تحتقروا أنفسكم، لا يقولُ أحدُكُم نحن في سن المُراهقة لا نصلح إلا للعبث واللعب، ليس هذا صحيحاً بل بوسعكم أن تفعلوا الكثير والكثير.
قال ابن شهاب الزُهري: (لا تحقروا أنفسكم لحداثة أسنانكم، فإن عمر بن الخطاب كان إذا نزل به الأمر المعضل دعا الفتيان، واستشارهم يبتغي حدة عقولهم) .
وزيد بن ثابت رضي الله عنه كان شاباً يافعاً اختاره أبو بكر رضي الله عنه لجمع القرآن مع وجود صحابة كبار وقال له: ( إنك رجلٌ شابُ عاقل لا نتهمك ) .
أخي الحبيب :
          قد هيئوك لأمر لو فطنت له       فاربأ بنفسك أن ترع مع الهمل
أخي بوسعك أن تكون شاباً صالحاً تقياً جاداً مثقفاً يحترمُك الجميع. فأقدم على ما ينفعُك في دينك ودنياك وأصبر على مشقة ذلك لتكن ناجحاً في حياتك بمشيئة الله تعالى .
                       جرب من العزم سيفاً تستعين بـه
                                                إن التردد باب الضعف والكسـل
                       والسعيُ حتى وإن أفضى إلى خطـأ
                                                خير من الجبن والتشكيك والوجلِ
                        ساءَ الفـتـور ولو سميتهُ حـذراً
                                               ما أصغر الفرق بين الموتِ والشللِ
                        مجدُ الحياة لمن يبغيه مقتنـعـاً
                                               ما من نجاحٍ إذا فكرت بالفشل
نعم يا أخي: لا تكن فاشلاً في علاقتك مع ربك، لا تكن فاشلاً فترضخ للشيطان وأعوانه ولا تكن فاشلاً في حياتك لا تُحسنُ إلا العبثِ وإتباع الهوى.قال تعالى: (أفمن يمشي مُكباً على وجهه أهدى أمنَّ يمشي سوياً على صراطٍ مستقيم).
وهذا المعاني استشعرها عددُ غفير من الشباب في مثل أسنانكم، وقدراتهم العقلية والجسمية لا تتعدى طاقاتكم وقواكم لكنهم تركوا العبث إلى تتبع النفع والفائدة، وقد قال صلى الله عليه وسلم: ( احرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجز ) .
ومن أمثلة علو الهمة عند هؤلاء الحريصين ما يلي :-
* شاب لحظ من نفسه تعلقه بالحاسب الآلي ففكر وقدر ثم قرر أن ينتفع من هذه الوسيلة المتطورة وبالفعل اشترى برنامجَ ( القارئ الآلي) وصار يأتي بالكتب الإسلامية وينقل سطور صفحاتها إلى اسطوانة الحاسب الآلي حتى جمعَ فيها عشرات المجلدات فانتفع هو ونفع غيره وفي الوقت ذاته تسلى بأمرٍ مُفيد لا يضره

* وشاب آخر لحظ من نفسه حُبَ ارتقاء الرمال بسيارته فأخذ على نفسه أن يجعل من رحلاته البرية دعوة إلى الله لا عبث فيها، وبالفعل صار يجمع الأعداد الكبيرة من الأشرطة الإسلامية ويرتقي أصعب الطرق ويخوض أشدها وعورة وأكثرها مشقة، وكلما دخل قريةً نائية وزع تلكم الأشرطة على أهلها فيشكرونه ويدعون له بالخير والفلاح، وفي رحلاته الأخيرة أخذ أحدَ طلبة العلم ليُلقي الكلمات الوعظية والفقهية على أهل القرى والهجر.. وهكذا جمع بين تسلية نفسه والدعوة إلى ربه قال صلى الله عليه وسلم: ( من دل على خير فله مِثلُّ أجرِ فاعلَه) .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق