الخميس، 7 يوليو 2016

هل السعادة في الثروة والجاه؟

              من الشباب من يظن أن السعادة بجمع المال والثراء الفاحش ، ومبلغ طموحه السيارة الفاخرة ، والفنادق والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة والخيل المسمومة ونحوها . ولما كانت هذه غايته فإنه يخطو لها الخطوات ، ويبذل الأوقات من أجل تحصيل الريالات والدولارات ، وهذه المبالغة في تكثير الأموال جعلته يفرط في الصلوات ويتجاوز الكسب الحلال إلى المحظورات ، وهو لذلك في صبر وجلد . وكل ذلك ليكون شاباً غنياً فيكون متربعاً على عرش السعادة التي ينشدها من أول خطوة ..
              لشتَّان مابين اليزيدين في الندَّا     زيد بن عمرو والأغرّ بن   حاتم
              فهُّم الفتى الأزديُّ إتلافُ  ماله    وهمُّ الفتى القيسي جمع الدراهم
وقفات حول هذه السعادة الوهمية :
 أولاً : الثراء الفاحش سعادة مؤقتة
فقد ترى الشاب الغني يفتخر بسيارته ويزهو بأناقته وكثرة مصروفاته ولكنه يحمل همّا يكاد يقطع قلبه عند خسارة يخسرها ، وهذا الثراء قد يُدخله في متاهات نفسية وشكوك بالآخرين من حوله أو يجرّه إلى غرورٍ ينفر العقلاء منه ويبغض المتعاملين معه ..
       فإذا بلغ به الأمر إلى هذه المكانة السيئة فلن يستطيع شراء السعادة الحقيقية ولو بذل الغالي والنفيس .
       ولذلك دل الله تعالى عباده إلى ما هو خير من هذه الزينة
       قال تعالىزُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ (14) قُلْ أَؤُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرٍ مِنْ ذَلِكُمْ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَأَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ(15).
ثانياً : الأغنياء والانتحار
من تأمل حال إحدى الدول الغنية وهي السويد علم أن الثراء لوحده لايجلب السعادة الحقيقية ، فهذه الدولة أشبعت شعوبها وأغرقتهم بالأموال فالرواتب العالية لكل فرد في المجتمع والعلاج في أرقى المستشفيات ، وهذا فضلاً عن مساعدات للزواج ، ومكافأة للعاطلين عن العمل ومع ذلك كله أعلى نسب الانتحار هي في هذه الدولة وهذا يعني أن المال بلا إيمان لايكفي الانسان لكي يحصل السعادة ، بل الأمر كما قال الله في كتابه وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى .(طـه:124)
       فالمُعرض عن دينه في تعاسة وشقاء ولو سكن خير الدور وأفخم القصور.
قال الحطيئة :
       ولست أرى السعادة جمع مال     ولكن التقي هو السعيد
وقد حكى الله لنا قصة قارون ونهايته المشينة فما أغنت عنه أمواله وقصوره .. بل صار عبرة لكل معتبر .
•      ومن الشباب من يظن أن السعادة في الجاه وأن يلقب بالمدير العام وسعادته الكبرى أن يتفاخر بالموظفين تحت إدارته ، ويصاب بالانتفاش إذا توسل إليه مراجع أن ينهي معاملته ..
وقالها من قبل فرعون .. ذاك الذي يصبح ويمسى وهو يصيح في الجماهير { أليس لي ملك مِصرَ وهذه الأنهارُ تجري من تحتي } وكأنما يقول ألا تنظروا إلى مملكتي ، فكان جزاء العتو والتكبر الشقاء في الدنيا والهلاك في الآخرة كما وصف الله ذلك في كتابه فقال النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوّاً وَعَشِيّاً وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ .(غافر:46).

فكانت العاقبة أن أجرى الله الماء من فوقه وأغرقه به وكان بالأمس يفتخر أن الماء يجري من تحته !! 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق