الاثنين، 11 يوليو 2016

قواعد قبل الدخول في الحوار

من المهم تذكر قواعد عامة قبل فتح حوار مع الآخرين :  
.1 - اقتضت حكمة الله سبحانه أن تختلف آراء الناس في صغير الأمور وكبيرها سواء في أمور الدنيا أم في أمور الدين وسبب ذلك أنهم خُلقوا مختلفين في الفهم و العلم واختلافهم أمر طبيعي مادام منضبطاً بالحدود الشرعية والآداب المرعية ، قال تعالى :  وَلا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ(118) إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ . . ." (هود: من الآية119) .
2 - اختلاف الآراء ينبغي ألا يؤدي إلى اختلاف القلوب والشحناء ، بل يجب مجاهدة النفس على رحابة الصدر وألا يكون رد الفعل المقاطعة والهجران ( إلا مع أهل البدع ) ، قال يونس الصدفي – رحمة الله تعالى - : " مارأيت أعقل من الشافعي ناظرتُه يوماً في مسألة ، ثم تفرقنا ، ولقيني ، فأخذ بيدي ثم قال:يا أبا موسى ألا يستقيم أن نكون إخواناً وإن لم نتفق في مسألة " 
3 - يجب ألا يتجاوز المتحاورون حدودهم فيعمدوا إلى الإثارة والاستفزاز والسخرية لأنهم بذلك ينزلقون إلى هوة ومعصية , والمقصود من الحوار هو الاستفادة من الأفكار وليس تدمير الأشخاص، ولذلك؛ فإن من أهم ضوابط الحوار: التركيز على فض الاشتباكات الفكرية دون التعرض السلبي للأشخاص بتشويه أو تجهيل، فلا خلاف مطلقاً بين أشخاص المتحاورين، وإنما بين أفكارهم، والفـكرة الحسنة تُمْتدح بغض النظر عن قائلها، والفكرة الخطأ تُرَاجع دون تسفيه لقائـلـهــا أو التهكم منه، فالنظر دائماً إلى الآخر من خلال ما قيل، لا من قال .
4 - الإنسان المنُصف طالب حق ، ينشد عن الحق سواء ظهر على لسانه أو على لسان غيره " والحكمة ضالة المؤمن أين ما وجدها فهو أحق الناس بها " رواه الترمذي .
    قال الإمام الغزالي صاحب " إحياء علوم الدين " : " أن يكون في طلب الحق كناشد ضالة لايفرق بين أن تظهر الضالة على يده أو على يد من يعاونه " , وهذه هي سيماء سلفنا الصالح في حواراتهم، فقد ذُكِر عن حاتم الأصم أنه قال: معي ثلاث خصال أظهر بها على خصمي، قالوا: وما هي؟ قال: أفرح إذا أصاب خصمي، وأحزن إذا أخطأ، وأحفظ نفسي لا تتـجـاهــــل عليه، فبلغ ذلك الإمام أحمد بن حنبل (رحمه الله) فقال: سبحان الله! ما كان أعقله من رجل .
5 – ليس المقصود من الحوار مع الآخرين فتل العضلات وإظهار البراعة ولفت الانظار ، لذا على المرء أن يقوم بمراجعة نيته قبل دخوله في أي حوار ، قال × : ( لا تتعلموا العلم لتباهوا به العلماء وتماروا به السفهاء ولتصرفوا به وجوه الناس إليكم فمن فعل ذلك فهو في النار ) رواه الترمذي .
6 – ما الفائدة من الحوار ؟ سؤال مهم ينبغي أن يطرحه المرء على نفسه قبل أن يبدأ في نثر الكلام وفتح الحوار .
    قال تعالى : لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً " (النساء:114) 
    وقال صلى الله وعليه وسلم :( من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت ) .
     وأما إذا وجد المرء أن حواره سيؤدي إلى فتنة أو مفسدة مع الآخرين فتركه أسلم وأعلم وأحكم .

7 - الصواب ليس حكراً عليك ، والله عز وجل يشاء الحق على لسان الغبي فيكون ذلك ، ويشاء الجهل والضعف والخطأ على لسان الذكي فيكون ذلك لا راد لقضائه يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشَاءُ " (البقرة: من الآية269)
8 - أمر الله عباده بالوقوف على ما يعلمون وحبس النفس عن الخوض فيما يجهلون ويصدق ذلك في الحوار بل ذلك من أعظم أصوله قال تعالى :  وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ " (الاسراء: من الآية36) .
9 -  إياك وأسلوب التحدي أثناء المناقشة ، ففي العادة أن مثل هذه الطريقة تغلق عاطفة الآخر فيرفض قبول حُجتك ولو كنت مُحقاً والأفضل أن تكون المجادلة بالتي هي أحسن وأن يكون أصل لغة الحوار شدواً نتبادله لا صخراً نتقاذفه .
10 – قبل البدء بأي حوار على المرء أن يتأكد من مناسبة الموضوع الذي سوف يُطرح لثقافة الحاضرين وظروفهم فينبغي مراعاة الآخرين وأحوالهم قبل الخوض معهم , ومن الوصايا في ذلك :-
أ - مراعاة تناسب الموضوع مع مكان اللقاء ، فقد يكون الالتقاء بالآخرين في رحلة برية أو بحرية فيصبح من الصعب طرح الموضوعات الجادة العميقة .
ب - مراعاة تناسب الموضوع مع زمان اللقاء فغالباً البكور يجتمع فيه الهم وتزدادُ يقظةُ العقل وآخر الليل محل النعاس والنوم فيحسن في الأول ما كان جاداً وفي الثاني ما كان يسيراً سهلاً .
جـ - مراعاة تناسب الموضوع مع أحوال المتحاورين فقد يكون المجلس يعج بخليط من الناس منهم المثقف ومنهم العامي فيكون من حكمة المتكلم اختياره لما يناسبهم جميعاً .
د - مراعاة ضيق الوقت المتاح للحوار ، كأن يكون الشخص المُقابل لديه موعد قريب لابد أن يغادر المكان من أجله ، أو أن وقت الصلاة قد حان ، ونحو ذلك من ظروف لايمكن معها الدخول في حوار في موضوعات طويلة ومتشعبة .
     وهذا يؤكد على أهمية تعرف المرء على مستوى الطرف الذي يحاوره في العلم والفهم , إضافة إلى مراعاة الظروف المكانية والزمانية .



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق